مروراً بهاتف موشيه ديان حتى صفقة القرن.

مروراً بهاتف موشيه ديان حتى صفقة القرن.. هكذا تنظر إسرائيل إلى العرب وسلامها معهم 

  • مروراً بهاتف موشيه ديان حتى صفقة القرن.. هكذا تنظر إسرائيل إلى العرب وسلامها معهم 

اخرى قبل 4 سنة

مروراً بهاتف موشيه ديان حتى صفقة القرن.. هكذا تنظر إسرائيل إلى العرب وسلامها معهم 

“السلام يصنع مع أعداء مهزومين فقط”، هذا ما كتب في لافتات كبيرة علقت في شوارع تل أبيب الرئيسية في الأسبوع الماضي. إلى جانب هذا الشعار، رفرفت صور زعيمي الشعب الفلسطيني، إسماعيل هنية ومحمود عباس، راكعين ومعصوبي الأعين. أحدهما وهو يرفع يديه كإشارة على الاستسلام، والآخر يحمل راية بيضاء. وفي الخلفية دمار شامل، حيث طائرات إسرائيلية (يمكن التخمين) تحلق فوقه.

هذا أمر صادم ومقلق، سواء لدى الموجودين في الطرف المهزوم أو في أوساط الناس العاديين في الطرف المنتصر. ولكن هذه هي الترجمة العملية للشعار السائد هنا طوال سنوات: “العرب لا يفهمون إلا لغة القوة”. أجل، هذا جوهر سياسة القوة لدى إسرائيل تجاه الفلسطينيين: راية بيضاء وركوع وعيون معصوبة. وإذا لم تكن الأيدي مكبلة فهي مرفوعة إلى الأعلى.

في الانتفاضتين الأولى والثانية حول الحواجز وأثناء الخروج من البيوت الفلسطينية بعد الاقتحامات الليلية المعتادة، كان المنظر المعتاد هم فلسطينيون مكبلون وعيونهم معصوبة، وأحياناً وجوههم موجهة نحو جدار.

يصعب عليّ نسيان الاعتقال الذي نفذه الجيش الإسرائيلي لأحمد سعدات، رئيس الجبهة الشعبية، وسجناء آخرين كانوا في سجن السلطة الفلسطينية في أريحا. لقد سيقوا بملابسهم الداخلية أمام مصوري الصحافة الذين تمت دعوتهم مسبقاً لتخليد حفل الإهانة.

إن جوهر مقاربة إذلال العرب مقاربة قديمة؛ فبعد هزيمة العرب الكبرى في حرب الأيام الستة، أعلن موشيه ديان بأنه ينتظر قرب الهاتف لتلقي مكالمة الاستسلام من الزعماء العرب

إن جوهر مقاربة إذلال العرب مقاربة قديمة؛ فبعد هزيمة العرب الكبرى في حرب الأيام الستة، أعلن موشيه ديان، أكبر القادة العسكريين للشعب اليهودي، بأنه ينتظر قرب الهاتف لتلقي مكالمة الاستسلام من الزعماء العرب. وبهذا، لم يقتصر الشعار الرئيسي على الانتصار فحسب، بل إذلال العرب أيضاً. وبشكل عام، كسر روح الأمة العربية، التي نهضت للتو على أرجلها وشهدت بعثها بعد مئات السنين من الكولونيالية، التي فرضها العثمانيون والبريطانيون والفرنسيون والإيطاليون وحتى الإسبان.

إن كسر روح الأمة العربية وجد تعبيره بعد العام 1948، وبصورة أكبر بعد العام 1967، حيث سادت أجواء العجز في العالم العربي إزاء مقولة إن ثلاثة ملايين من اليهود هزموا 100 مليون من العرب. إضافة إلى ذلك، فقدت الشعوب الثقة بقدرتها على إحداث تغيير، وسادت أجواء من الشك. شك الجمهور بقادته في أن يكونوا خونة. وحتى ساد الشك بين الجار وجاره.

وبدلاً من تلقي مكالمة الاستسلام، حصل موشيه ديان في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم على اللاءات الثلاث التي تم الاتفاق عليها: لا صلح ولا اعتراف ولا مفاوضات. وفي إسرائيل، مثلما في إسرائيل، فسروا ذلك كـ “رفض عربي”. ولسبب ما نسيت إسرائيل مقولة “ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان”. هناك أيضاً ما يسمى باحترام الذات، حتى لدى الشعب المهزوم.

 تحل الإهانة علينا اليوم بصورة “صفقة القرن”، التي جوهرها هو أنه يجب على الفلسطينيين الموافقة على الوضع الراهن الذي شكلته إسرائيل بقوة الذراع، وإلا فسيخسرون كل شيء. المشكلة في هذا الإذلال هي أن شظاياه تصل أيضاً إلى الجمهور اليهودي الذي ينظر في المرآة ولم يعد يعرف نفسه.

“الصورة تحرض على العنف الذي يذكر بداعش والنازيين، الذين لا نريد أن نحسب معهم”، كتب رئيس بلدية تل أبيب، رون خولدائي، وأمر برفع اللافتات المرعبة. ولكن هذه اللافتات هي أحد أعراض الوضع الفاسد، الذي تراكم منذ سنوات. وإذا استمر، فستحث الدولة الخطى نحو أماكن، وبعض المنتصرين سيشعرون بأنهم غرباء فيها.

بقلم: عودة بشارات

 

التعليقات على خبر: مروراً بهاتف موشيه ديان حتى صفقة القرن.. هكذا تنظر إسرائيل إلى العرب وسلامها معهم 

حمل التطبيق الأن